الأربعاء، مارس 14، 2012

لماذا كوريا؟ لماذا سامسونج؟

الراية الوطنية لكوريا الجنوبية 
دعوني أعترف منذ البداية أنني لا أحوز معلومات كافية عن كوريا، و لم يسبق لي زيارتها. لكني أكتنز في أعماقي، كما هو حال الكثيرين ربما، تقديراً لها و إنبهاراً بها. و في الواقع أنها تستحق ذلك، وأكثر من ذلك! لماذا؟! أنا أتسائل مثلكم، و في هذه السطور سأحاول أن أعرف معكم، سبباً ما مقنع لهذا، و من يدري علّها أسباب عديده.




لماذا الآن ؟!
قبل ذلك، يجب أن أكشف سبب أثارة هذا الموضوع الآن، و في الحقيقة إنه شخصي و حسب. فعندما قررت قبل أسابيع أن أقدم ملفي لطلب عمل لدى إحدى شركات الإلكترونيات العملاقة العاملة في اليمن و في حين أنني لم أتلقى بعد رداً نهائياً و لم يغلق الباب كلياً، و هذا محير بعض الشيء، لكني لا زلت أحرص على فرصة رائعه كهذه. فعندما جئت الى إختيار إحدى الشركات، أحببت بالفعل أن أبدأ بشركةٍ أن مغرم بها كثيراً، إنها سامسونج، وأيضاً لهذا أسبابه؟! و لكن لنبدأ بالبلد المذهل كوريا.

سلالم حديدية و جسر معلق،Wolchulsan،، يمكن أن تتخيل تأثيره على يومك المذهل هناك في كوريا، المصدر: Lonely Planet

كوريا المدهشه!
كوريا الجنوبية هي بلد صغير المساحة يقع في أقصى شرق آسيا، بلد أهم ما بات يميزه في السنوات الأخيرة أنه يتصدر الدول الأسرع نمواً في العالم، و يقدم النموذج الأسيوي الثاني للدول الصاعدة الأكثر إبهاراً في العالم بعد موطن الساموراي "اليابان". و هنا في الحقيقة أوافق أحد المفكرين العرب، حين سمعته يقول أننا نحن العرب ظلّت و ربما لازالت تسيطر علينا القوالب الغربية في بناء الدول الحديثة و أنظمتها السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية و غيرها بل و تفاصيلها. و تجاهلنا البحث و الكشف عن جواهر التجارب الشرقية الأسيوية و على رأسها اليابان و كوريا و بالتأكيد الى جانب تجارب رائعه في الصين و ماليزيا و سنغافوره و تايوان .. و هذه جميعاً لها خصوصيتها و فرادتها التي تحتاج لمزيد الإلتفات بالتحليل و النقد.


الزهرة الوطنية، موجونغوا ، المصدر : بوابة كوريا الإلكترونية

هناك الكثير مما يجب أن ندرسه إما عبر باحثينا العرب و الدارسين و أيضاً المهاجرين هناك أو من خلال مراكز الأبحاث و الجامعات العربية ، و من أهم الجوانب التي أتمنى إغنائها هو النظام التعليمي في هذه البلدان، الذي يكاد يكون المحرك الأبرز لصعود هذه البلدان جميعاً، و في الواقع قرأت كثيراً عن النظام التعليمي في كوريا و كم أنه رائع و متين، و يجب أن أذكر ملاحظة قرأتها عنه، تقول أن حجر الزاوية في هذا النظام هو إندماجه و تكامله مع سوق العمل، و يذهب أحدهم الى القول أنه يُخيل له أحياناً أن هذا النظام برمته مصمم للتكيف المذهل مع سوق العمل و تغيراته و تقلباتة المستمرة، و كم أنا أسف عن عدم قدرتي تزويدكم بمعلومات أكثر عنه، و أنا بحاجه للقراءة و بعمق و توسع، لألقي مزيداً من الضوء على التعليم في كوريا الصاعدة مستقبلاً.



عالمياً مبهرة
و من ناحية أخرى، فإن مصدر الإلهام الكبير هو الإقتصاد الكوري، و الذي لن أقف عنده كثيراً، لكن و بلا شك أن أذرع الدول المتقدمة و كذلك الصاعدة هي شركاتها العملاقة، و في كوريا الكثير من الشركات العملاقة، و في مختلف المجالات. و دون أن أعدد هذه الشركات، سأختار واحدة من أروع قصص النجاح التي يمكن أن تقرأ عنها سيدي/سيدتي القراء الأعزاء!! إنها قصة الشركة الكورية الجنوبية الرائدة "سامسونج".



المتحف الوطني الكوري الجنوبي، المصدر : موقع المتحف

و لماذا سامسونج ؟!
لأكون منهجياً، ما رأيكم أن أعود أولاً الى عنوان هذا المقال، و أجيب عن السؤال، لماذا سامسونج؟ و أقصد بهذا السؤال تعليلاً لكتابتي اليوم عنها و في زحمة الموضوعات التي أحاول ملاحقتها على الصعيد الوطني اليمني أو العربي أو حتى ما حولنا في العالم من قضايا تثير إهتمامي حقاً.

يجب أن أقول بوضوح أنني بالفعل أحب هذه الشركة بغض النظر عن أي شيء أخر، و كما هو حال الحب دائماً، من الصعب تفسيره أو تقديم أسباب محددة له، إلا أنني يمكن أن أذكر الى جانب ذلك، أنه لدي تجربة ما مع سامسونج بدأت منذ الصغر و أنا أصوب ناظريَّ على علامة سامسونج التجارية، كيف ذلك؟

خريطة كوريا الجنوبية، المصدر: بوابة كوريا الإلكترونية
بالنسبة لي تفسير ذلك أبسط بكثير من تفسير "الحب"، هذه الكلمة الرائعه الساحره. و تفسيره ببساطة مكمّنه لدى والدي الحبيب، الذي إشترى في الثمانينات تقريباً جهاز التلفزيون سامسونج، تلفزيون الكاثود الذي يصنف لدى الشركة، كما أعرف من موقعها الإلكتروني و ما أكثر ما أزوره، يصنف على أنه من حقبة سامسونج القديمة التماثلية، أو ما قبل الرقمية .. من هنا كنت دائماً أتسائل عن تلك الأحرف الكبيرة التي تمثل إسم سامسونج، و بجوارها ثلاث نجمات رباعية تتوسط ما يشبه الشاشه وبألوان ثلاثة، أخضر و أحمر و أزرق، أظنه كان إشارةً لتدشين لصناعة التلفزيون الكوري الملون. بالطبع لم أكن لأعرف حينها أنه شعار "اللوجو" أو العلامة التجارية لشركة قطعت كل هذه المسافة بين أقصى شرق أسيا و غربها، لتصل منتجاتها إلينا هنا! و لعل هذا يشير الى إرتباطٍ عاطفي طفولي من نوع ما بهذه الشركة التي كنت بين فترة و أخرى أعرف معلومة جديدة عنها، و لا يزال الحال كذلك حتى اللحظة.


الشركة الدولة
مبنى الأوبرا و مركز سيؤل للفنون، المصدر: الموقع الإلكتروني
هناك سبب أخر يتمثل في خبر سمعته أولاً على قناة الجزيرة و في إحدى نشراتها الإقتصادية في العام 2010م، و بعدها قرأت عن تفاصيله في بعض المواقع الإلكترونية، بدأت أبحث عن تفاصيل هذا الخبر بنهم حينها، لأنه فاجأني و أدهشني كثيراً، يقول الخبر أن صادرات شركة سامسونج وحدها، و وحدها فقط يمثل 80% من إجمالي صادرات كوريا سنوياً، لا أدري كيف أعبر عن شعوري حينها، و أذكر أنني قلت "إذن كوريا هي سامسونج و سامسونج هي كوريا!!!"، الذي أعرفه أن صناعة الإلكترونيا برمته في الولايات المتحدة يمثل أقل من 20% من إجمالي صادراتها السنوي. و هي التي تضم أكبر الشركات حول العالم في هذا المجال تحديداً، فكيف تسيطر شركة واحده في كوريا علي إقتصاد البلد و بهذا القدر الذي لا يصدق. و هنا أدركت مدى أهمية و جوهرية هذه الشركة لكوريا، و ماذا تعني لها و ربما للشعب الكوري العظيم.



و بذكري هنا للشعب الكوري العظيم، يجب أن أذكر ما هو أهم من التجارب الإقتصادية، و هو "الثقافة" و هنا نقصد الثقافة الكورية التي لديها الكثير و الكثير من الخصوصياً، و بحق أعتبرها رصيداً حضارياً لكثير من القيم الإنسانية العليا، و فيها الكثير مما يجب أن نتعلمة و يتعلمه العالم. عظيمةٌ، أنتِ كوريا!!


الهاتف الذكي من سامسونج Galaxy R ، المصدر: سامسونج الشرق الاوسط

كما تلاحظون لقد طال هذا المقال، و لم أتحدث بعد عن سامسونج و قصتها، و يجب أن لا أطيل أكثر، لكني متأكد أنني سأعود قريباً لأكتب عنها و عن كوريا ككل، و ربما و هذا ما أتوق إليه، أعود بتجربة شخصية لأحد اليمنيين أو العرب الموجودون في كوريا و يعرفونها جيداً .. و على هذا الأمل أودعكم. تحياتي ،،




ليست هناك تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

------------------------------- يمكنك أن تشترك في القائمة البريدية -------------------------------

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner