الجمعة، مارس 08، 2013

أحلام صحفيين مصريين .. في مقهى المشربية




مقهى المشربية في وسط البلد البحث عنه جدير بأن تتكبد كثيراً من المشي في هواء القاهرة البارد ومشقة المزاحمة والصراخ وأنت تتلمس الطريق بين تعرجات الأزقة المتربة خاصة لكاتبة مثلي تبحث هي الأخرى عن مسارات الثورة المصرية وتعرجاتها وكأنك تبحث عن تعرجات روحك المنسية والثورة المسلوبة التي خلفتها في بلادك لتدخل من جديد صفحة كتاب الثورة المصرية. المقهى الصغير الذي يشبه في مدخله المظلم تفرع شارع مُهمل لا يحكي سوى انعكاس مختلف لكتاب مقتنيات وسط البلد للكاتب مصري مكاوي سعيد ودور المقاهي وشخوصها التي لعبت دور كبير في نهضة مصر السياسية والثقافية. 
لكن التاريخ الآن يروى بشكل آخر. أكثر ديناميكية من تبادل الآراء السياسية والثقافية كما كان في الماضي في مقهى ريش والبساتين والفيشاوي، إنه جيل سريع يحفل بالوقت وتسجيل ايقاعات الحياة السريعة. إنه مقهى للعمل كما أبلغني المصور المصري الشاب محمد ابراهيم الذي التقيته بالمقهى وإلى جواره مجموعة من الصحفيين الشباب: عوض محمد ونيرمين فتحي. المكان هنا مكان للعمل ونقل الحدث من ميدان التحرير إلى شبكات التواصل الاجتماعية والمواقع الالكترونية واليوتيوب، أي شيء يحدث في ميدان التحرير ينقله هؤلاء الصحفيين بحماس وصدق. الصورة مدهشة وأنا أراها بعيني المتفحصتين. مختبر صحفي شبابي على شكل مقهى يلتقط كل ما حولك ليصنع خبراً أو صورة أو فيلم. حكاية الانسان المصري في الثورة. يوميات الهامش التي قد لا تستفز المشاهد الغربي إلا إذا رأى لون الدم يسيل في عتبات الميدان. لكن هؤلاء الشباب الصحفيين على اختلاف تناقضاتهم ورؤيتهم لمسارات الثورة كان يجلسون في المكان ويحللون المشاهد الحية التي يسجلونها بكاميراتهم وأقلامهم. قال لي الصحفي: عوض إن صداقتهم بدأت من هذا المقهى في بداية الثورة وما زال يجمعهم فضاء المقهى وكأنه قلب كبير يخربشون فيه أحلامهم
.
 
أحلامي أنا الكاتبة اليمنية القادمة من جبال تعز الوعرة لا تختلف عن أحلام الصحفيين المصريين الذين التقيتهم في مقهى المشربية، إنها أحلام جيل عربي خرج للساحات الثورية والميادين بحثاً عن الحياة الكاملة حالما بدولة تضمن حق الجياع والفقراء في وطن يتساوى فيه الجميع دون مقايضة الحق بالدين، وطن للحريات ينتصر للإنسان على اختلاف دينه ومذهبه واعتقاده الفكري. لكن بعد عامين من الثورة ما يحدث في مصر من اختلالات سياسية واجتماعية واقتصادية وخيبة هذا الجيل يحدث الآن في اليمن بنفس المسارات وانتهاكات الصحفيين والكتاب والنساء، انتهاك لكل القوى التي خرجت للثورة ثم وجدت نفسها هذه القوى تلعق خيباتها. 
كنتً أسمعهم يروون خيباتهم بواقع مصري لم يتغير إلا كاهتزاز لافتة مقهى المشربية بفعل الرياح واعتلاء الغبار والصدأ حدثني المصور محمد ابراهيم كيف تم اغتيال صديقه الصحفي الحسيني ابو ضيف، وعن مطاردات الشرطة للصحفيين اثناء تغطية الأحداث، وما تعرض له اصدقاؤه من اعتداء بالضرب من قبل بعض شباب الاخوان المسلمين ، الحكاية ذاتها روتها نيرمين فتحي عن اعتداءات تطال الصحفيات المصريات في الميادين أثناء المظاهرات وتغطية الأحداث. خيبتي أيضاً لا تختلف عن خيباتهم إنها نفس المعاناة للصحفي والكاتب اليمني رجل وامرأة في الساحات، الانتهاكات والتحريض والتشويه والقذف. صورة عربية جديدة لمشهد القبح. لكن الأمل يبقى كما قال عوض محمد. أمل بهذا الجيل الذي استطاع ان يكسر ثلاثين عاما من الخوف وتجريف هوية الانسان وقادر على أن يتمرد من جديد. 
في طريق الخروج من مقهى المشربية كنت أودع عامل المقهى الرجل المصري الذي تعكس ملامح وجه طيبة الفلاح المصري الفصيح وفي قلبي صوت انبثق فجأة من روح ميدان التحرير: يا عزيزتي الثورة مستمرة.
 


بشرى المقطري
مقهى المشربية
بشرى من اليمن وصديقتها ريتا من فلسطين .. في القاهرة






المصدر: بشرى المقطري على تمبلر


ليست هناك تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

------------------------------- يمكنك أن تشترك في القائمة البريدية -------------------------------

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner