الاثنين، فبراير 11، 2013

على فكرة.. ستات مصر مش رجالة

يوسف الشاذلي


قد تتساءل عزيزى القارئ، حين تقع عيناك على هذا العنوان «إزاى ؟ طبعاً ستات مصر رجالة ورجالة قوى كمان!». وإن كان هذا رد فعلك فلا أعلم هل من فائدة فى قراءة هذا المقال.

صُدمت للمرة الألف عند متابعتى اليومية لصفحات الفيس بوك من تعليقات لا تعد ولا تحصى على المسيرة النسائية العظيمة التى طافت بشوارع وسط المدينة فى القاهرة للاحتجاج على العنف الجنسى الذى أصبح عادياً ضد المتظاهرات المصريات، والذى سارع الكثير فى التقليل من حجمه (دى حالات فردية يا راجل) أو حتى تبريره (هو ايه اللى وداها هناك؟) رغم كل التوثيق الذى قام به عدد من المبادرات الرائعة للتصدى لتلك الظاهرة المقيتة. 
صُدمت عندما رأيت متعلمين ومثقفين وناشطين سياسيين يكتبون، بكل فخر واعتزاز، كما ولو كانوا يهدون أعظم وأجل وسام، «ستات مصر رجالة» (وفى بعض الروايات الأخرى «الست فى مصر بميت راجل» أو «البنت دى دكر» أو «الرجولة صفة مش نوع» وغيره). 
••• 
صُدمت لأننى لا أفهم كيف لأشخاص تدافع عن المساواة والعدالة وحقوق المرأة أن تتعامل فى حياتها اليومية بهذه العقلية. !ذا كان الرجل والمرأة سواء، فكيف يكون «دكر» مرادفاً للشجاعة و«مرا» مرادفاً للجبن؟ كيف يكون الانتقاص من حق الآخر والتقليل من شأنه باستخدام تعبيرات مثل «ده شغل نسوان»؟ كيف تأتى كلمات أغنية «ثورية» تحكى عن رحلة شعب فى البحث عن الزعيم، ويكون عند البحث عن هذا الزعيم «لا يشترط الشكل ايه، لا يشترط السن ايه، لا يشترط الملة ايه» ولكن «بالاختصار مطلوب دكر»، كما ولو كان اختصار كل هذه القيم العالية متواجدا فى صفة الذكورة، القيمة الأعلى؟ 
••• 
عندما انتقلت للعمل فى سويسرا، أحسست فى الأسابيع الأولى أن الناشطات النسويات فى الجامعة «مزويدنها حبتين». فأجبرت مثلاً على أن «أثنى» كل ما أكتبه فى المخاطبات الرسمية وفى اطار التدريس (أى مثلاً أن أقول الطالب/ة بدلاً من الطالب فقط، أو الطلاب/الطالبات بدلاً من استخدام صيغة المذكر فقط). ولكننى مع اهتمامى بعملهن النضالى وقراءة بعض أدبياتهن اكتشفت أن المرأة السويسرية لم يكن لها حق التصويت حتى عام ١٩٧١ وفى احدى الولايات حتى عام ١٩٩٠! أى أن الحركات النسوية والمدافعة عن حقوق المرأة ناضلت لسنين للحصول على حقوق (وليست منح!) قد نراها اليوم طبيعية. وأنه عادةً، الأطراف المهيمنة قلما تجد فى مطالب الآخرين شرعية أو أحقية أو حتى حاجة (مش وقته الكلام ده…). ولكن لمن هو/هى حقه/ا مسلوب، يكون الاحساس بهذا النقص عنيفاً جداً. 
••• 
بالطبع، كان من السهل علىّ كرجل، أى كعضو فى الجماعة أو الطرف المسيطر على الآخر فى المعادلة الاجتماعية، أن أرى أنهن «مزويدنها فعلاً» وبنفس المنطق كان من الممكن أن أرى أن العمال والكادحين «مزويدنها برضه»، وإن كنت مواطناً سويسرياً، قد أظن أن المسلمين مزودينها قوى قوى (وكمان عاوزين تبنوا مآذن؟؟). 
المساواة تبدأ فى العقول، فقبل أن تلقن الآخرين دروساً فيها، فتش عن أصول التمييز فى عقلك.




المصدر: بوابة الشروق


ليست هناك تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

------------------------------- يمكنك أن تشترك في القائمة البريدية -------------------------------

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner