الثلاثاء، فبراير 26، 2013

الأرض كروية..

كتب/ جمال فهمي



ما أشبه الليلة بالبارحة.. والحق أنها ليست شبهها تماما ربما هى أشد عتمة وأكثر سوادا، وهنا بالضبط تتجلى معالم ومعانى مصيبتنا الحالية، فقد صنعنا ثورة رائعة أطلقت شلالا من أجمل الأمانى وأسعد الأحلام.. كان طموحنا ونحن فى قلب المشهد الثورى الفريد أن نبنى وطنا جديدا مزدهرا ننعم فيه بالحرية والتقدم والعدالة، بيد أن العفن الموروث وركام الخراب المتراكم كان يتربص بنا وبأحلامنا فتسلطت علينا وعلى ثورتنا «جماعة الشر» وتوابعها وراحت تعيد بسرعة مجنونة إنتاج الماضى الأليم بكل عاره وشناره وتزيد عليه من فيض جهلها وسعارها وغباوتها ما جعل كثيرا من الناس يترحم على الأيام السوداء التى عاشوها وتجرعوا مرارها قبل الثورة..

السطور المقبلة (كتبها العبد لله ونشرها قبل أسابيع قليلة من إطلاق مهرجان التزوير الانتخابى الشهير فى العام2010) إذا تحاملت على نفسك وقرأتها فستمسك بيديك دليلا ماديا يقطع بأن كل ما ناضلنا ضده واستشهد أو فقد نور البصر أروع وأنبل شبابنا لكى يبرأ جسم الوطن من عِلله وأمراضه استعاده الأشرار على أقبح صورة وأبشع منظر.. يعنى استبدلنا وجوها شائهة كئيبة بأخرى، وخلاص!!

وتعالَ اقرأ من صفحات سجلنا القديم واكتشف بنفسك:

لست أشعر بأى حرج ولا كسوف، بل بالعكس يسعدنى جدا أن أبدأ بتوجيه أسمى آيات الشكر والعرفان والأشياء التى من هذا النوع، إلى السادة الأساتذة والدكاترة والمهندسين والمحتكرين الآتية أسماؤهم:

صفوت الشريف

جمال مبارك

زكريا عزمى

مفيد شهاب

علىّ الدين هلال

أحمد عز

فأما أسباب الامتنان والشكر فموجودة وحاضرة دائما وأكثر من الهم على القلب كما ترى، لكن أحدثها أن هؤلاء المذكورين أفاضوا وأسرفوا فى الكرم عندما اجتمعوا يوم الأربعاء الماضى بصفتهم هيئة مكتب قيادة حزب الست حكومتهم، ورغم أن إجماعهم واجتماعاتهم هى دائما علينا، فإنهم فى هذا اليوم تجمعوا والتقوا على نصرتنا وأهدونا قرارا تاريخيا سينضاف أكيدا إلى ميزان حسناتهم القليلة عند رب العالمين، فقد تصدوا فيه بشجاعة تلامس حدود الحماقة لمهمة إفساد وإبطال الحجة البائسة التى رفعتها قيادات بعض أحزاب المعارضة الميرى فى وجه أصحاب الضمير الذين طالبوهم وناشدوهم (هم والست «جماعة الإخوان» وباقى مكونات ومظاهر خيبتنا السياسية) أن يعملوا ولو مرة واحدة قبل ما يموتوا، معروفا فى هذا البلد وأهله ويتجاوبوا مع الدعوة إلى الالتزام بموقف وطنى موحد، يزيل ورقة التوت البالية الأخيرة التى يتستر بها نظام حكم قمعى وبوليسى فاسد وفاشل وفاقد الشرعية، من خلال إعلان مقاطعة الانتخابات التشريعية المزورة المقبلة ورفض المشاركة بأدوار «الكومبارس» فى عرضها الهزلى المنتظر.

غير أن الأحزاب الميرى، ومن خلفها الست «الجماعة»، غرفوا جميعا من معين غباوتهم وانتهازيتهم وأسرفوا فى التذاكى للتملص من هذه الدعوة والإفلات من حصار معقوليتها ومنطقها القوى، فخرجت علينا باختراع حكاية اسمها «ضمانات» انتخابية هم أول من يعلمون بحقيقة استحالتها، فضلا عن أن وجودها لن يغير شيئا فى نظام ملعوب فى أساسه الديمقراطى أصلا ومسلح حتى الأسنان بترسانة هائلة من «ضمانات التزوير» الدستورية والقانونية، بالإضافة إلى أسلحة المال والثروة الحرام، مما يجعله محميا ومحصنا تماما ضد أى تطوير أو تعديل، بدليل أن ثغرة الإشراف القضائى المنقوص (التى كانت مفتوحة قبل أن تسدها التعديلات الدستورية الأخيرة) هذه الثغرة تسرب منها فى الانتخابات الماضية نحو مئة نائب معارض لم يستطيعوا تبديل حرف واحد فى سيل أسوأ التشريعات التى جرى تمريرها من ذقونهم ولحاهم!!

ومع ذلك ذهب المعارضون الميرى باختراع «الضمانات»، هذا إلى عتبات أمين عام حزب الحكومة الذى وعدهم بعرضها على زملاء سيادته المذكورة أسماؤهم أعلاه، فلما اجتمع هؤلاء أول من أمس، تفرجوا على تلك «الضمانات» مليًّا وقلَّبوا فيها ذات اليمين وذات اليسار فانبسطوا جدا وانفغرت أشداقهم وانفشخت ثغورهم عن ابتسامات ساحرة، ثم خرجوا وقالوا لإخوتهم فى المعارضة الميرى: متأسفين قوى خالص جدا «لا يمكن إصدار تعديلات (قبل الانتخابات) على حساب المصلحة العامة».. أى والله، نَصًّا كده!!!

قاطعوا «التزوير» يرحمكم الله، أو ورُّونا عرض قفاكم...

انتهت السطور القديمة، فما رأى حضرتك.. أليست الأرض كروية فعلا؟!




المصدر/ موقع أخبار التحرير

ليست هناك تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

------------------------------- يمكنك أن تشترك في القائمة البريدية -------------------------------

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner