الخميس، مارس 17، 2011

بين "صوت العرب" والجزيرة....الدور الاعلامي المتعدي




يبدو أن أهم ما يستنتجه العالم اليوم أن العرب هم بالفعل أمة واحدة، متشتتة ومنهكة بالمعنى الحضاري، الا انه لا يملك احد ان يتجاهل كل هذه المشتركات بين شعوب هذه المنطقة .. هذا الأمر كان بارزاً حين عادت تعبيرات على غرار "العالم العربي" بدلا من "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" ، و هذا مدهش بالفعل و مدهش فعلا أن ترفع أعلام مصر حال الثورة في كل العواصم العربية مع صور يتيمة لزعيم عربي واحد هو جمال عبد الناصر ،في حين رأينا أعلام مصر تحرق قبل أشهر على خلفية الأوضاع في غزة.

الحقيقة أننا أمام جيل جديد من الثوار لجيل جديد من الثورات ، أو لعلها ثورات تحرير ثانية. وهنا يبرز الدور الإعلامي ، ففي حين تفاجئ الجميع بالثورة التونسية ، كانت الجزيرة على الموعد مع الغاية التي انشأت من أجلها، وأخذت بكل احترافية تكسب ارضاً بعد ارض، تتقرب من رجل وسيدة الشارع وتقارع الجميع. ولا يستطيع احداً ان ينكر انها بالفعل كانت عاملا حاسما فيها و خصوصا ما لاحظناه من عدم التفات من قبل الإعلام العربي و العالمي لما يحدث هناك، وأعتقد أن تغطية الجزيرة هي من أجبرت بقية الأجهزة الإعلامية بتخصيص الكثير من المساحة للحدث التونسي ، في الوقت الذي خصصت الجزيرة كل بثها على مدار الساعة له وله فقط، برغم عدم وجود مراسلين لها في تونس. وضلت عيوننا نحن جميعا ترقب وتتسائل لما تقطع قناة اخبارية بثها بالكلية من اجل حدث وبعينه، في حين انها ببساطة تستطيع ان تمر وتجدد وتكثف التغطية عنه في رأس كل ساعة مع عدم تجاهل احدث تحدث في اماكن اخرى لها اهمية كبيرة عند نسبة لا بأس بها من مشاهدي القناة.

هل هذا ما كانت تبحث عنه الادارة الامريكية والمنظمات العاملة في منطقتنا وايضا المعاهد ومراكز الدراسات التي ترصد كل صغيرة وكبيرة في هذه المنطة الحيوية. ما كانوا يبحثوا عنه ويسعون إليه هو لحظة انفجار كبيرة تتبعها احدث متلاحقة، ولكن القدر سبقهم في التوقيت قليلا قبل اكتمال اعداد كل حلقات مسلسل الاحداث. وسبقهم القدر مرة اخرى في المكان ففي حين كانت عيونهم الخبيثة تتجة لتفجير وتأزيم الوضع اولا في مصر، لان معتياطهم تقول ان مصر هي الدولة الاكثر تأثيرا وبالتالي يضمنون استنساخ كل ما سيحدث في مصر الى اي دولة عربية.

وعلى عكس ما يظن البعض أن الفيسبوك و الاعلام الجديد لعب الدور الرئيسي ، إلا أني أعتقد و بقوة أن الجزيرة تشاطرت هذا الدور مع الإعلام الجديد هذا إذا لم نعتبر الجزيرة ذاتها جزء من ذلك الإعلام الجديد ،عربيا على الأقل. ولم نستغرب ذكر الجزيرة بالاسم في سيل من الانتقاتات الحكوميه و ما والها .

ولكن وبلا شك وبالرغم من الملاحظات الكثيرة على الجزيرة القناة إلا أن رصيدها وقوة تأثيرها زادت وبشكل إستثنائي، وانا اتفق مع كثير من الرؤى التي باتت تشير الى الجزيرة بإعتبارها "أكثر من قناة"، فكل ما يتعلق بشأنها يؤكد ان هذه المنظمة لها تركيب وهدف ومنهج لا يتسق مع كونها مجرد قناة. و لا ننسى الدور العالمي الذي بدأت بالفعل الجزيرة الانجليزية ،والتي تقدم صورة لم يألفها العالم عن العرب وإيصال صوتهم من اليابان شرقا الى كندا غربا . وقوة الجزيرة وأهميتها يمثل رصيداً جيداً لما بدأت به مقالي بالحديث عن الامة، ولكن كل ذلك يعتمد على قدرة العرب وخصوصة المملكة العربية السعودية ومصر على إعادة قطر الدولة الى الحضيرة العربية، وتنبيهها انها مجرد ترس وأداة بيد أخرين ليس هنا مكان الحديث عنهم.

وفي خضم الموجات الثورية المتوجهة شرقا كما هي غربا، وتبدو قادرة بحق على تعديل وانتاج مصصح لمسارها كما حدث في مصر. فإن تجربة "صوت العرب" ستظل فريدة في اصالاتها وانتمائها للداخل العربي وسيظل مطلوباً من اعلامنا ان يكون على مستوى اللحظة التاريخية التي تمر بها منطقتنا والتي اشار اليها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بصفها بديلا عن حرب عالمية ثالثة، يقوم كل الاقطاب الحالية والناشئة بتصفية حساباتهم وتعديل موازينهم والصراع من اجل المستقبل والنفوذ والسيطرة.









ليست هناك تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

------------------------------- يمكنك أن تشترك في القائمة البريدية -------------------------------

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner